الأمل المدير العام
عدد الرسائل : 2845 البلد او الاقامه : مصر الحاله الاجتماعيه : متزوج الهوايات : القراءه رقم العضويه : 1 مدى النشاط بالمنتدى : علم الدوله : احترام قوانين المنتدى : المزاج اليوم : تاريخ التسجيل : 04/12/2007
| موضوع: الزواج : ركّز على الجوهر..! الثلاثاء فبراير 12, 2008 3:53 am | |
| الزواج : ركّز على الجوهر..! الرياض د. محمد أبو بكر حميد بيوت.. وبيوت البيوت التي تقوم بلا أساس في عمق الأرض تنهار جدرانها وتتداعى أمام أول عاصفة، ولا يشفع لها ما دفعه أصحابها من مبالغ في تزيينها وطلائها لإظهار جمال شكلها!! هذه البيوت التي لا تقوم على أساس متين حتى لو صمدت لفترة من الزمن ولم تتعرض لهزة على الأرض من تحتها، ولا لعاصفة من فوقها، فإن عوامل التعرية التي يقول بها الجغرافيون لا تلبث أن تُحدث أثرها في مظهر البيت الخارجي، فتصبح ألوانه باهتة، ويتعرض بناؤه للقدم، ويصبح كل ما فيه مألوفاً لا يلفت النظر ولا يبهر العين، ذلك الإبهار الذي كان يفعله عندما كان جديداً. ولهذا نرى بعض الناس يملّون العيش في بيوتهم بمجرد أن يمسح الزمن بيده عليها، ويرغبون في بيوت جديدة أخرى قد يهجرونها غير آسفين إلى بيوت أخرى جديدة، وهكذا دواليك. وقد يكون هناك أناس يحبون بيوتهم حباً عظيماً، ولو أعطوا فيها أموال الدنيا كلها ما باعوها أو ملّوا العيش فيها، لا لشيء وإنما لأنهم نظروا إليها بمشاعرهم ورأوا أن قيمتها الحقيقية لم تعد في الشكل الذي تغير بطبيعة الحال وعامل الزمن، وإنما في غلاء السنوات التي أمضوها فيها ونوع الحياة التي عاشوها في غرفها وبين جدرانها والذكريات التي امتلأت بها تلك الغرف وشهدت بها تلك الجدران. وهذا زحام من المشاعر لا يقدّر بأموال الدنيا كلها في نظر صاحب البيت إذا كان له قلب ينبض بحق. * أساس العلاقة الزوجية وعلى المنوال نفسه تكون علاقة الرجل بالمرأة التي يحبها ويتزوجها، فإذا لم يقم ذلك الحب على أساس عميق من المشاعر، أساس لا يحكمه شكل المرأة وجمالها ومواصفات جسدها وحده، لأن هذا كله يدخل في حكم الشكل الخارجي للبيت الذي يتعرض للتغيير وعوامل التعرية وفعل الزمن، أساس لا يقوم على رأي العين لأن الذين يضعون قلوبهم في أعينهم لا يحبون ولا يبنون بيوتاً على أساس عميق من المشاعر، وإنما على شكل من المظاهر. والمظاهر تؤثر لفترة من الزمن، ولكنها لا تدوم، لهذا فإن البيوت التي تبنى على حصر اختيار الزوج في جمال شكل المرأة فقط تتعرض كثيراً للهزات بالملل، وللعواصف بالتعود على المألوف الذي كان في يوم من الأيام قمة الجمال في نظر صاحبه. إن الحب الحقيقي لا يفتر، كالمعدن الأصيل لا تؤثر فيه عوامل الزمن ولا يتعرض للقدم،لا لأنه لا يقدم ولا يتغير، وإنما لأن أصحابه ينظرون إلى أنفسهم بمشاعرهم فلا ترى عيونهم إلا ماترتاح له قلوبهم وما تشعر به دواخلهم وما تجيش به نفوسهم من مشاعر محتشدة وأحاسيس مستمرة. * مثالية وسذاجة! إن الرجل الذي يختار شريكة عمره، والمرأة التي توافق على شريك عمرها بناء على مواصفات الشكل وجمال الوجه، كالذي يختار بيته بناء على صورته فقط، أو بناء على منظره الخارجي دون التعرف على ما بداخله. قد يكون من المبالغة في المثالية إنكار أهمية دور جمال المرأة، لكنه أيضاً مبالغة في السذاجة، بل والجهل أيضاً أن يكون الجمال وحده العامل المسيطر والوحيد في الاختيار. وهذا الخطأ يقع فيه عادة الشباب الغر عندما يختار شريكة عمره فنجده يعطي لأمه وأخواته ومن يشاركهم في البحث عن زوجة «مواصفات» يصعب أحياناً توفرها في فتاة واحدة، إلا إذا تم تفصيلها له كما تفصل الملابس من القماش. وهذا بالطبع لا ينطبق على البشر. وقد حذر حكماء العرب قديماً من الوقوع في براثن الجمال الظاهر الذي لا يشع من جوهر النفس إلا بالاستثناء «فإن سلمت الحال من الإدلال المفضي إلى الملال، استدامت الألفة، واستحكمت الوصلة» كما يقول أبو الحسن الماوردي. لهذا يتجنب بعض العقلاء الجمال البارع لما يحدث عنه من شدة تدلل المرأة على زوجها وإفراطها- لقلة وعي- في التيه بجمالها، فيقع الزوج الضعيف بحبها لجمال شكلها فيكون أسيراً لها. ولهذا قالت العرب «من بسطه الإدلال قبضه الإذلال». وجمال المرأة التي لايحكمها خلق ودين قد يرديها فتسقط في محنة الرغبة، وبلوى المنازعة، وبحر الغواية، وقد حكي أن رجلاً شاور حكيماً في التزوج فقال له «افعل، وإياك والجمال البارع، فإنه مرعى أنيق». فقال الرجل: كيف ذلك؟ فانشد: ولن تصادف مرعىً ممرعاً أبداً إلا وجدت به آثار منتجع لهذا نقول إن هناك جمالاً تشع به دواخل بعض النساء فيسقط نوره على وجههن فيكسوهن ملاحة ترتاح لها العين، وتهفو لها النفس، ويستعذبها القلب، إنه نور يطغى على جمال المظاهر، يسقط أمام وضاءته جمال المساحيق. جمال يشع من داخل النفس فيكسو الجسد حلة لا يمكن خلعها منه كما تخلع الملابس، ولا يمكن محوها منه كما يمحو الماء جمال الطلاء. إنه الجمال الذي تترعرع صاحبته في منابت الدين والخلق والنفوس الكبيرة. وهذا النوع من جمال الجوهر قد لا يلتفت إليه من على عينيه غشاوة وفي قلبه ظلام من عمى القلوب التي في الصدور، لأنه نوع من الجمال ترتاح له النفوس قبل العيون، فإذا ارتاحت له النفوس انفتحت له مغاليق القلوب، ولا يدخل القلوب الصادقة إلا النقي الجوهر، الأصيل المعدن، فلا يعجب المنكرين الذين يرون بعيونهم ما لا تستطيع قلوبهم السمو إليه والشعور به، ولله في خلقه شؤون. | |
|